مزادٌ علنيّ للأشلاء المحجوزة على المرفأ

1-

التابوتُ الذي لم يُفتَحْ،

ليس في داخله

سوى وَجنة واحدة.

"هذا كلّ ما وجدناه"، يخبرنا الطّبيبُ وهو يشدُّ على "كلّ"

ويلوّحُ بكيسٍ شفّافٍ يُظهِرُ وجنةَ والدي

المحمرّة أمامنا

من شدّة إحراجه.


أبي، 

أيّها القليل،

النّتفة،

يا ذا الشخصيّة الانطوائية

بشهادة أهلِ الحيّ،

كيف انطوَيْتَ إلى هذا الحدّ؟

2-

 سنوات من الصّراع 

بينهما

والمناكفات

والأخذ والردّ.

الآن، 

بعد كلّ هذا الدّمار والتقلّص، 

لم تعدِ المدينةُ مدينة.

صارَتْ قرية.


3 –

الصّغار

الّذين فُقِدوا ولم يعودوا

لا يشعرون بالضّجر.

في الواقع، هناك من ضحك على البحر

وأوهمه بأنّهم أبناؤه،

والبحُر،

مِنْ فَرْط أبوّته،

يحملُهم على ظهره

طيلةَ النهار

ويركض.


4-

أيّها العالقون تحت الأرض،

مثلكم أنا

عالقٌ فوقَها.


5-

المسعف الشّجاع،

في صبيحة اليوم التّالي،

حين وجدوه ميتًا،

كان

 قلبُه 

على 

كفِّه.


6-

أخيرًا،

بعد طول انتظار،

أعلنت الدّولة

عن بيعٍ بالمزاد العلنيّ

للبضائع المحجوزة على المرفأ:

 أسنان وأصابع وأكتاف

وأمخاخ وسواعد وأرساغ...


قبلَ قليل

وصلْتُ مع زوجتي

في الموعد المحدّد،

وبين يديّ الآن 

ذاكرةُ أمّي المفتوحةُ

منذ الرّابع من آب،

أتحسّسُها مليًّا،

وكحديثٍ مفاجئ

عن حبيبتي السّابقة،

لا أعرفُ كيف تُغلَق.



7-

لم يكن هذا مقرّرًا

قبل بناء البيت.

لم تكن هناك فجوة 

فيكَ

على الورقة التي أطلَعَنا عليها

 المهندسُ المعماريُّ

قبلَ عشرينَ عامًا،

أيُّها القلب.


8-

في أوّل الشارع،

عند سماعِ صوتِ سيّارة الموتى

التي تُقِلُّ شقيقَه،

تذكّرَ أستاذُ اللّغة العربيّة 

نفسَه وهو يشرح لتلاميذه

درسَ البَدَل،

وتحديدًا

بدلَ البعض من الكلّ،

لمّا صاحت الجدّةُ 

عاليًا:

"جاءَ الولدُ نصفُه"


9-

"مثل أثاث البيت،

البرّاد والتّلفاز وغرفة الجلوس،

هذا الخبر

كان علينا تقسيطه"،

يقول الزّوج لزوجته

عند قبر طفلِهما

 الأوحد.


كن جزءًا من مشروع "رحلة"
وادعَم صُدور النّسخة الورقيّة الشهريّة

لمزيد من التفاصيل أنقر هنا
Patreon support button